بسم الله الرحمن الرحيم
لو أردنا إيجاد رؤية حقيقية بشكل صحفي محايد عن التصرفات السعودية حول الحدود اليمنية ، لتوضيح الصورة بشكل أدق و أقرب للصحة ..
و بالتأكيد كان جبل الدخان هو
" حجر قفلة الدبل " في عالم
" الدومينو " و لكن قبل أن نتحدث عن جبل الدخان فلنتكلم قليلآ عن تدخل السعودية في الحرب الدائرة في محافظة صعدة منذ ست سنوات ..
وبعيدآ عن المزايدات أو الإثبات أو الإنكار فقد كانت السعودية حاضرة بقوة إما عن طريق الطيران أو الضرب الصاروخي أو عن طريق الدعم اللامحدود للجيش اليمني المعتدي في صعدة ، و كذلك ضرب حصار غذائي شديد في المنافذ القريبة من صعدة في وقت كانت السلطة تفرض حصارآ إقتصاديآ شديدآ على محافظة صعدة ..
أما في الحرب السادسة فقد إتفقت آراء الكثير من المحللين السياسين و المهتمين بالوضع اليمني بأن قرار الحرب لم يتخذ بتفرد يمني بل أن السعودية كان لها من ذلك القرار نصيب الأسد لعدة أسباب ظاهرة وخفية ..
منها على سبيل المثال ، خوف السعودية من تنامي قوة سياسية فكرية زيدية بالقرب من حدودها الجنوبية ، والتي قد تضر بعمل سنوات طويلة في سبيل ترويض النظام اليمني وبعض القبائل المجاوره و جعلهم إمتدادآ للهيمنة السعودية في المنطقة ..
و من الأسباب أيضآ الخوف من حصول إنقلاب على النظام اليمني الحاكم و إنشاء نظام حكم قوي بالنظر في صلابة الشعب اليمني ، و قيام دولة حديثة منافسة للسعودية في الجزيرة العربية ..
و منها أيضآ تلبية إستغاثة من شخص يعتبر صديقآ حميمآ للسعودية هو علي عبدالله صالح ، و هذه بالطبع تدخل تحت العادات العربية الأصيلة و هي إغاثة الملهوف أو إعانة المستجير ..
و بالعودة إلى جبل الدخان فإن النظامين السعوديين كانا متكتمين على الأوضاع الحاصلة في ذلك الجبل ، وكانت الصرخة الأولى قد حصلت من جانب أبناء صعدة أو الحوثيين حيث فاجأوا الناس بتوجيه تحذير شديد اللهجة بأنهم سيهاجمون كل موقع تشن منه عمليات برية عليهم قاصدين بذلك الطرف السعودي من جبل الدخان الذي سمحت السعودية للجيش اليمني بإستخدامه ضدهم ، وبعدها بيومين إقتحموا ذلك الجبل و طردوا الجيش اليمني منه ..
و من هنا بدأت القصة حيث ثارت ثائرة السعوديين بسبب تمركز الحوثيين في جبل الدخان ، و هنا سؤال يطرح نفسه لماذا لم يعتبر النظام السعودي تواجد الجيش اليمني داخل الحدود السعودية في جبل الدخان تهديدآ لسيادتهم و دخول لأراضيهم بطريقة غير مشروعة ..
على العموم قامت السعودية بتنفيذ إستراتيجية عسكرية أثارت إستغراب جميع المراقبين و السياسيين حيث إستدعت أعدادآ كبيرة من الجيش السعودي ممثلآ بعدة ألوية عسكرية كالصاعقة و المظليين و المشاة و القوة الخاصة و حشدت جميع أنواع القوات العسكرية البرية و البحرية و الجوية ..
و ترافقت تلك الأعمال مع عمليات إجلاء كبيرة لجميع سكان المناطق السعودية الحدودية بالقوة بل و هدم بعض القرى الحدودية ..
و طبقت خطة إعلامية شديدة اللهجة إبتداء من منع قناة العالم المعادية للسعودية من البث عبر الأقمار العربية ، مرورآ بعمليات تشويش متعمدة للتأثير على المواقع الإلكترونية المقربة من الحوثيين في محاولة للتغطية و التعتيم الإعلامي على الأحداث الحاصلة على الحدود ..
و فجأة حصل المحذور وقامت السعودية بعملية عسكرية برية داخل الأراضي اليمنية بدون مراعاة لمشاعر اليمنيين حكومة و شعبآ وبالرغم من تحذير السعودية من الإقدام على هذه المغامرة لعدم وجود الثقة بأن الجيش السعودي قادر على المواجهة البرية ، و فعلآ هزم الجيش السعودي هزيمة نكراء و أنكسر بشكل غريب و أوقع نفسه في إحراج شديد بالنظر في موضوع و قوع أسرى سعوديين داخل الحدود اليمنية ..
ردة الفعل من جهة النظام السعودي كانت غريبة و مثيرة للغرابة :
تكثيف الطلعات الجوية و ضرب العمق اليمني بشكل متكرر و يومي ، الإعلان عن إنتهاء العمليات العسكرية و إستعادة جبل الدخان ، إستمرار الحشود العسكرية على الحدود اليمنية ، الإيهام بوجود خطر داهم يهدد السعودية و تأييد عربي منقطع النظير لم تحصل عليه أي دولة أخرى في مواجهة تهديدات أشد كإقتحام الجيش التركي للحدود العراقية و الحرب الإسرائيلية على غزة و جنوب لبنان ، و إقتحام الجيش التشادي لحدود السودان و إحتلال أثيوبيا لجمهورية الصومال ، وكذلك إحتلال إرتيريا لجزيرة حنيش اليمنية ، أيضآ ضرب حصار سعودي بحري على السواحل اليمنية ، و أيضآ توارد أخبار بإستعانة الجيش السعودي بقوات عسكرية عربية إستعدادآ لخوض معارك شرسة ..
الذي يتفكر في كل هذه التصرفات قد يتبادر في ذهنه أن الدول العربية تحشد قواتها من أجل تحرير فلسطين أو من اجل طرد الأمريكيين من العراق أو أفغانستان ..
فيا ترى هل هذه التصرفات و التحركات السعودية حصلت من أجل التغطية على الهزيمة العسكرية التي ألحقها المجاهدون بالجيش السعودي و إبعاد أنظار الناس عن ملف الجنود السعوديين الأسرى ..
أم أنها مجرد مسرحية من أجل جمع التأييد العربي و العالمي للسعودية ضد الحملة الإعلامية التي تتعرض لها السعودية من قبل جمهورية إيران ..
أم أنها رسالة تخويف لدولة قطر و الإمارات اللتين تشهد علاقتهما بالسعودية شيئآ من التوتر و كتم الأنفاس ..
أم أنها عملية إستعراض للقوة لمواجهة التهديد الإيراني بتسيير مظاهرات سياسية في موسم الحج ..
أم أن الحقيقة تكمن في مطامع سعودية بنقل خط الحدود عشرات الكيلو مترات داخل الأراضي اليمنية مستفيدة من ضعف النظام اليمني ، و إنشغال الجيش اليمني في الحرب الدائرة في محافظة صعدة ، ومستفيدة أيضآ من التأييد العربي منقطع النظير ..
هذه كلها نقاط تدور في ذهن كل مواطن يمني ، و يتمنى أن يجد لها حلآ سريعآ قبل دخول اليمن رسميآ تحت الوصاية السعودية ..