يحيى صالح يفتح ملفات التخاذل العربي ويحذر من ثورة قادمة
السبت, 17-يناير-2009
نبأ نيوز- خاص/ حوار: نزار العبادي -
حذر الأستاذ يحيى محمد عبد الله صالح- رئيس جمعية كنعان لفلسطين- من مغبة استمرار التخاذل العربي دون وضع حدٍ للعدوان الصهيوني على غزة، ومن أن يقود التنظيمات الإرهابية إلى استثمار الغليان الشعبي في تجنيد الإرهابيين، مؤكداً أن القضية الفلسطينية هي التي تمنح الحاكم العربي "الشرعية الشعبية"، وأنه إذا لم تتحرك الحكومات، وظلت تعقد "قمم صوتية"، فإن الأوضاع تنذر بثورة عربية ما أن تشتعل شرارتها في بلد حتى تلتهم الجميع، منوهاً إلى أن ما تقوم به إسرائيل هو تنفيذ حكم الإعدام بغزة.
وسخر من تردد الموقف العربي وانقسامه حول مبادرات القمم، داعياً إياهم إلى الاقتداء بالدول الأفريقية، وبزعماء فنزويلا وبوليفيا.. ودعا- في إطار رؤية مدنية لجمعية كنعان- إلى إحياء المقاطعة العربية الشاملة لإسرائيل، وإغلاق سفاراتها ومكاتبها، وسحب المبادرة العربية للسلام، وقطع أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، وتعبئة الرأي العام العالمي، وقال: آن الأوان لنقول لأمريكا كفى إنحيازاً للباطل..
جاء ذلك في حوار جريء، أجرته "نبأ نيوز" مع الأستاذ يحيى محمد عبد الله صالح- وفتحت فيه ملفات الموقف العربي من غزة، والعواقب المترتبة عن تخاذله، نورد فيما يلي نصه:
• كيف تقرؤون تطورات ساحة الأحداث في غزة في ضوء الموقف العربي الراهن منها؟
-- أنا أرى أن الأحداث في ظل التخاذل الرسمي- وبالدرجة الأولى العربي- وحالة الضعف، والهوان، والجبن، والخوف على الكراسي، جعلت الكثير من القيادات العربية أسيرة للجانب الأمني، ولذا لم يتبلور أي موقف عربي قوي قادر على التصدي لإرهاب الدولة الصهيونية ضد شعبنا الفلسطيني في غزة وبقية المناطق الفلسطينية.
ونظراً لعدم وجود حركات تحرر وطنية مدعومة وعدم وجود مقاومة وطنية، وإستراتيجية عربية لدعم المقاومة لمواجهة الاحتلال- سواء في فلسطين أو العراق- وترك كل قطر وكل جهة تقاتل منفردة، فإن هذا سيجعل من السهل للعدو الفتك بها، إن لم نقل القضاء عليها.
كما أنه نظرا لإغلاق الحدود، وعدم وجود إستراتيجية عربية لدعم المقاومة والكفاح المسلح، بل وعدم السماح بذلك أيضاً لم يعد هناك أمام الشباب العربي أي منفذ للتعبير عن إرادته إلا الالتحاق بالتنظيمات ذات الفكر المتطرف التي تعمل في الخفاء تحت شعارات مختلفة.
إن الهجمة على غزة كبيرة، وما نشاهده هو جزء يسير مما يحدث على أرض الواقع، ومن حالة الرعب التي يعيشها إخواننا في غزة، من أطفال ونساء وشيوخ محاصرين داخل منطقة صغيرة لا توجد فيها جبال ولا ملاجئ ولا أي مكان آمن بالوسع إخلائهم إليه.. إنهم محاصرون من البر والبحر والجو، وحدود بلادهم مغلقة من الشقيق والصديق والعدو.. لذلك عندما يتم قصف منطقة، وتأخذ الأشلاء بالتناثر، تهيم الأسر، والأطفال، ولا يعرفون إلى أين يتجهوا.. فليس أمامهم سوى البحر، ومن خلفهم الدبابات والصواريخ، ومن فوقهم الطائرات.. هذه الحالة لابد أن تولد صدمات نفسية ورعب لا يمكن أن نتخيله.. فأي خزي وعار أن أحدنا ما زال يتفاخر بأنه قومي، أو عربي، أو مسلم، في الوقت الذي يحدث كل هذا الموت والدمار والرعب في غزة..!!
• هناك إحباط لدى الشباب العربي جراء تداعيات العدوان على غزة، فإلى أين سيقود هذا الإحباط؟
-- إن الأحداث الجارية في غزة تدفع بكثير من الناس إلى التفكير بعمل شيء.. ولكن ماذا ستفعل؟ بعضهم يقوده تفكيره إلى ضرورة عمل شيء ضد المتخاذلين أو ضد من يدعم الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي تستغله التنظيمات الإرهابية، ومنها تنظيم القاعدة لاستقطابهم...
لهذا نحن حذرنا إذا لم يتم اتخاذ موقف عربي موحد وقادر على إنقاذ شعبنا الفلسطيني، فإن الأمر سيجعل من تنظيم القاعدة هو الأكثر نشاطاً وقدرة على تجنيد الشباب العربي المتحمس، الذي يشعر إن عليه أن يقوم بشيء ما تجاه غزة..
أي لقد أصبح لدينا الآن مناخ ثوري، حماسي، جهادي جاهز، ولكن– للأسف- لا يوجد من يستثمره ويوظفه بالشكل الصحيح الذي يخدم قضايا أمتنا العربية، وإذا ما ظل هذا المناخ متروكاً، فلا شك أن التنظيمات الإرهابية المتطرفة لن تتردد لحظة في استثماره، وفي أعمال تضر أكثر مما تنفع.
أعتقد أن التنظيمات الإرهابية الآن في قمة السرور إزاء ما يحدث في غزة من عنف، لأنها تستطيع في ظل العواطف المتأججة والحماس لدى الناس أن تحصل على التمويل، والحرية في تحركاتها، وعلى دعم في مجال التجنيد والاستقطاب للشباب، وقد يصل الأمر لدى بعض المناطق أن يعملوا على تسهيل مهامهم وإخفائهم.
• ماذا بقي للعرب للتضامن به مع غزة، غير إرسال المعونات الغذائية والطبية!؟
-- اليمن في عام 1982م أثناء الغزو الصهيوني للبنان، فتحت باب التطوع للمقاتلين، وتم إرسال الكثير منهم للمشاركة في عمليات الدفاع عن لبنان، وكثير من الدول أرسلت دعم ومساندة إلى لبنان، ولكن- للأسف الشديد- كلما مر الزمن زاد التخاذل العربي بدلا من أن التضامن العربي.. فبعد 20 يوماً من القتل والتدمير والإبادة الوحشية الصهيونية لأبناء غزة، ما زال العرب مترددين، ومنقسمين حول مبادرات القمم العربية المقترحة!! والله أعلم هل هذه القمم ستتخذ قرارات جريئة وحاسمة أم هي قمم صوتية، ليس أكثر؟
وأنا أتساءل: ما الذي يمنع العرب من اتخاذ موقف؟ يجب أن يكون الموقف العربي قوي وجريء أسوة بما أقدم عليه الزعيم البطل، والرجل صاحب المواقف "شافيز"- رئيس فنزويلا- وكذلك الرئيس البوليفي، وكل من يحذو حذوهم من أصحاب الضمائر الحية الذي اثبتوا إنسانيتهم، ولا نقول عروبتهم، لأن العروبة في ظل المواقف الحالية تجاه غزه أصبحت مخجلة..!
فهؤلاء اتخذوا مواقفاً كان يفترض أن تقدم عليها الدول العربية.. فما الذي يمنع الدول التي لديها علاقات من قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني!؟ والتي لديها مكاتب إسرائيلية أن تغلق هذه المكاتب.. فماذا عسى أن يحصل لها إن أقدمت على ذلك، فهل ستخرب الدنيا؟ لماذا لا يكون العرب مثل الأفارقة حين تجاوزوا كل خلافاتهم، ومشاكلهم، وقرروا إنهاء التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ونجحوا فعلاً في ذلك، ليس لأن إمكانياتهم كانت أفضل من العرب اليوم، بل لأن إرادتهم كانت صادقة ومخلصة وعزيمتهم قوية.